تناقضات ذاكرة مغتربة ...

1.2.12

مذكرات بغداد - اليوم الرابع


رحلة...الى عقل جدي
سياسي محنك و متعصب للاسلام ... ماركسي و قومي عربي ومتحفظ ... يعشق نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس , جورج حنا و المتنبي و ايليا ابو ماضي...يطالع في القانون و السياسة و الدين و التجارة و الشعر و المسرحيات و الادب !
من انت؟
ذهبت اليوم لأستكشف خبايا مكتبة كنت ارى اصابع جدي تعتني بكتبها عندما كنت في السادسة من عمري , كنت اراه يقضي ساعات و ساعات في ترتيب رفوفها و تجليد كتبها و فهرسة عناوينها .. ثم ما ان يحل المساء حتى تلامس اصابعه -كعازف موسيقى على اوتار عوده - بعناية شديدة كتبه و مجلداته ثم يذهب لتحضير فنجان قهوة سادة و يتخذ مقعدا في مكتبه ...و يغرق! و كأنه ليس في عالمنا .. وكأن له ملكوت خاص به يستطيع هو وحده الدخول و الخروج منه حين يشاء .
كنت اراقبه عن كثب و هو يظن بانني مشغولة في علبة الالوان التي وضعها امامي , كنت ارى ملامح وجهه تتغير مع كل سطر تعبر عليه عيناه و كأنما هو بطل الروايات او كاتبها ! كأنما هو طه حسين في الايام أو غاندي في رحلته !
أاخبرتك عزيز القاريء؟ وجدت قرابة السبعة كتب اليوم عن غاندي وسيرة حياته – وقد بحثت في ربع المكتبة فحسب- لا بد ان جدي كان يعتز بشخص كغاندي .
اورثت حب القلم و الكلمة منك يا جدي؟ اتراك كنت تعلم بانني سافتش في ذاكرة كتبك ذات يوم عن كتاب يضمني و يعيدني اليك؟ ام حسبت بانني كنت منشغلة بالالوان فقط؟
لا يا جدي .. ما عدت احب الالوان الخادعة , اريد زمنك الابيض و الاسود لاعيشه  وأعايشه فقد اتعبتني كثرة الالوان في زمننا هذا , اريد الوضوح ام انني اطلب الكثير يا ترى؟
هل كنت متناقضا مثلي يا جدي؟ و الا لم اراك تقرأ الغزالي و محمد الصدر ثم تتبعهما بماركس و روسو !؟
ام كنت مثلي يا جدي لا تجد وضوحا في زمنك الموحد اللون ؟ هل كنت قوميا ام اشتراكيا ام ماركسيا ام اسلاميا متعصبا؟
ذهبت لافتش عن مذكرات لك علي اجد بعضا من الضوء في بقعة الظلام التي تركتها – وتركها الزمان – لي! الا انني لم اجد شيئا ! ليتك كتبت يا جدي .. ربما كنت وجدت بعض الاجوبة .

ولكن ... ما الانسان من دون اسئلة على اية حال.


تناقضات غربة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق