تناقضات ذاكرة مغتربة ...

24.9.13

عن نصف حياة ... وجبران خليل جبران



"لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل، إذا صمتّ.. فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت. إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول..نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة.. النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز.. لأنك لست نصف إنسان. أنت إنسان.. وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة" 


لا قلم يجرؤ على الكتابة بعدك ... أشتقتك يا جبران!

17.9.13

بين قلمي ... والتايمز

أنا اعترف لك عزيزي القارئ ان البحر يغريني كما يغريني جميل غامض  ، البحر سيد الاسرار يستدرجني بين الحين والاخر لعلاقة بوح عابرة... اكتب له كما تكتب متعبة لجندي في الجبهة...
 لكنني ابنة النهر، يفهمني جيدا، اعرف منحنياته ويعرف حروفي ... طويل البال، هادئ، حليم، قلما يغضب ... جميل في جميع احواله، يقبلني إن هجرته ويستقبلني إن أخطأت في حقه.

اتذكر عزيزي القارئ ذلك النهر الذي رقصت معه ذات ليلة شتائية؟ النهر الذي غازل خصلات شعري السوداء برذاذه المتطاير ؟ ... دجلة

قابلت اليوم نهرا آخر ... نهرا مغترب، يعيش في اجواء باردة ويرفض الرقص مع الغرباء.. نهر بلكنة خاصة .. شامخ ذو مياه عالية، قديم كذلك النهر العظيم ... جميل مثله، له بعض من خواص البحر، غامض احيانا ... وغاضب في معظم الأوقات... نهر يوقعك في حبه من اول "مشية" !
... التايمز
ستكون لنا حكايات انا وهذا النهر .. وسأعلمه الرقص على انغام دجلة، وسأحدثه عنه، سنكتب سويا -انا والتايمز- كتابا عن نهر اخر ... وسنرسل لدجلة من هنا بطاقة حب تضمنا .. عله يشعر بالغيرة عليّ قليلا .

13.9.13

خواطر مبعثرة


قررت اليوم ان افضي شحنات الصداع النصفي التي تصيبني احيانا بالنقر على كيبورد الايفون هذا بضع نقرات لاكتب خواطر لا علاقة لها بحالتي السايكولوجية وانا استمع الى قيصر الغناء العربي  يخيرني ما بين الموت على صدره او فوق دفاتر اشعاره ...

سؤال وجودي ايها القيصر ... لكن لم تخيرني بين الموت في الحالتين؟ الا يمكنني ان اعيش ولو لفترة غارقة في دفاتر اشعارك!؟

عذرا ... خرجت عن موضوع الخواطر غير المرتبطة التي لا علاقة لها بكاظم الساهر-اليوم على الاقل!
----
اشتقت ان اتحدث الى البحر، البحر يغويني .. يغريني بالكتابة .. تماما كما يفعل المشي 
البحر يلهمني .. كأنه يجمع لي افكار من يستأمنوه على اسرارهم ويهمسها في اذني ... كأنه يريدني ان اخفف عنه حمله، ان اتتبع خطوات من يشكو لشاطئه ... ان ابتسم باكية لمن يلتحف رمله .
لكن أي بحر يستقبلني؟  وانا كائن نهري يغير جلده ... يكره الملوحة ، والبرزخ الذي بين النهر والبحر متناقض لا يستهويني.
اتراك تحبني يا بحر؟ ام انك تفرغ محتوياتك لكل من قرر ان يسمع لك ... ام انك مثلي مغترب ، لا تعرف امواجك في اي بلد ولدت وعلى اي صخر ستنكسر .
هل لك اصدقاء يا بحر؟ ام كل من يشكو لك عابر سبيل؟ أتراك ذو ذاكرة جريحة مثلنا غرباء هذا الزمن؟
هل عشقت قبل هذا؟ هل احببت فتاة غازلك شعرها الاسود المبلل؟ هل شاكستها عنوة .. هل غرقت فيك يا بحر؟ ام تراها تتنفس تحت الماء؟ هل عزف تائه ما الناي لك .. وتركك تستجدي الحانه؟
----
احب الناي جدا .. ربما لان فيروز غنت له ... وناي جبران قريب الى قلبي ... كحبيب قديم.
وعندما تغنى القيصر بالناي احببته اكثر -نعم عدنا لكاظم الساهر مرة اخرى ، بلا سبق اصرار عزيزي القارئ, ربما لأن اليوم ذكرى ميلاده، كل عام والابداع موطن حنجرتك ايها القيصر- صار الناي جزئا من ذاكرتي الصوتية ... في صوتها ناي! كم جميل صوتها اذن...أليس كذلك؟
----
الكتابة اخر الليل ممتعة ... تجعلك تخرج مكنونات صدرك بنقرات لها صدى فيروزي على قلبك ... هكذا بدون جهد كأن عقلك الباطن هو من يكتب لك
الكتابة اخر الليل تجعلك تتخيل نفسك جالسة امامك، مستمعة لك ... تحثك على ان تكتب لمدينة أمية لا تقرأ ... ربما لهذا اخترت عدم الترابط حالة مشتركة لهذه الخواطر بحرية اللون ...
سلمت يا ليل ... ودامت تناقضاتك ملهمة ... كنايٍ قديم. 

5.9.13

غربتان يا وطني

منيت ببعدك برغبتين ... 
غربة الأماكن ... وهذه غربة مقدور عليها، توجعك وجعا قليلا في البداية ثم تتخدر و تتعود ويعجبك جديدُ مكانك. تشتهي بين الحين والآخر مكانا كنت تدمن القهوة فيه، أكلة لا تأكلها الا من مطعمك المفضل، مثلجات تغويك بطفولة قد مضت ... تحاول تعويضها بأي شئ مشابه وقريب ... ثم تمضي في يومك 

والغربة الكبرى ... غربة الأهل والأصدقاء ،أبناء الخالة،الجيران، المدرسين، فلاحي البيت ... غربة بعمر! 
هذه الغربة لا تفارقك، توجعك في كل مكان، تدمعك احيانا، تجعلك تبتسم كالأحمق عند سماع أغنية كنت ترقص عليها صغيرا مع ابن الجيران ...
هذه الغربة تنفي فيك أجزاءً صغيرة، شيئاً فشيئاً 
تكتسب أصدقاء جدد، تحاول التعويض، تحبهم كما أحببت من يشبهونهم من قبل ...
لكن من يعوض ابناء خالتك؟ من يعوضك عن لعبة كرة قدم في شارع معكر يدمي قدميك؟ من يعوضك عن عدم حضور عرس اعز اصدقائك؟ من يعوضك عن جلسة طويلة جدا في ظلال نخلة شامخة في بيت جدتك؟ عن توزيع "الهريسة" كل سنة كما عودتك والدتك؟ عن الجيران الذين يؤخرون فطورهم حتى تصل هريستك؟
هذه الغربة كالمتلازمة، لا شفاء منها وتظهر اعراضها كل ما نظرت الى صورة احد منهم، سمعت اسمه، او نكتة قالتها او طبخة تحضرها او لون تعشقه .... غربة تسرق منك تفاصيل العمر.

من يعيد لك العمر ؟ من يعوضك عن العمر؟
موجعة هذه الغربة يا وطني ويكذب من يوهمك بأنه شفي منها ....
الله يسامحك