تناقضات ذاكرة مغتربة ...

6.2.12

مذكرات بغداد - اليوم الثامن


شارع ذكرياتي وحدي أمشيه ...
في رحلتي عبر شوارع الذكريات في بغداد صادفت العديد من الناس الذين كنت اعتبرهم أصدقائي , مثلي الأعلى و في بعض الاحيان حب حياتي .
كنت صغيرة جدا وكان اعجابي الطفولي  يدوم ليوم او ليومين ثم يظهر اعجاب  اخر يمحيه وكانوا جميعهم يكبرونني بعشرات السنين و بذاكرة  وطن مجروح .. وعمر مسروق.
التقيت بعضهم اليوم .. كانوا اجمل و كانوا انقى و كانوا أكبر..او كنت انا اكثر تمعنا هذه المرة؟
كان كل منهم يرى فيَ عمرا ضائعا وبصيص امل من بعيد.. كان كل منهم يرى في عينيٌ حلما منسيا يمكن ان يسترد باستبدال اسمي ب "طفلة" او استبدال المصافحة بقبلة على الرأس و الكلام بلعبة "مونوبولي" تذكرنا بأيام ما عادت موجودة... كان كل منهم يرى في  وجودي الذاكرة الاخرى .
ألم أقل لك عزيزي القاريء اننا جيل بذاكرتين؟ و ان بغداد ما عادت تحتمل جيلا مثلنا؟
التقيت بعضهم اليوم ... كانوا أجمل و كانوا انقى و كانوا اكبر
كانوا اكثر قدرة على ان يحبوا و يكتبوا و يحلموا ... ويرقصوا !
احببتهم بجميع مراحل حياتهم وبقدرتهم العجيبة على المقاومة .. مقاومة ظروف هذه الحياة الغريبة فمن مهندس الى ضابط الى رجل اطفاء كانت رحلته بين المحطات العابرة .. ولم يستقر حتى الان و لم  يكف عن المقاومة . وما زلت معجبة بشخصه و قدرته على التحمل .. والحركة! والغناء بصوت أجش يأسر السامع خارج الزمن وينسيه التوقيت!
لكنني هذه المرة كنت أتحاور مع نفسي فحسب..امشي الشارع لوحدي فما عاد احد منهم يمسك بيدي كي نعبره  و ما عاد احدهم يهديني دمية اعجبته و ليس له طفلة ليهديها لها... ما عاد احدهم يغني امامي او يناديني باسم ولد او يضايقني بنكتة .. ما عاد احدهم يراني طفلة بدون ذاكرة .
اصبحت ماضيا لذاكرة كانت كل احلامهم .. فأمست تذكرهم بحاضرهم ذو الاحلام المنسية!
مشيت الشارع وحدي اليوم ..بدون يد تمسك يدي الصغيرتين لنعبر.
وعبرت...

تناقضلت غربة





هناك تعليقان (2):

  1. لا بد ان تحدثي الصوره المرسومه في مخيلتك عن جميع من رأيتيهم , ذهب ذلك الزمان حيث كنا مأخوذين بكل شيء ونحن اليوم من نصنع الاحداث .

    ردحذف
  2. انها صورة عنيدة يا سيدي .. لا تقبل النقاش ! لا زالت تظن بانني طفلة و غيري من عليهم ان يفعلوا كل شيء.. علها تجد نفسها بعد مدة !

    ردحذف