تناقضات ذاكرة مغتربة ...

31.12.13

صُبحِيّة ...


في الشارقة، على الكورنيش الذي أمَسي عليه كل يوم للمشي .. للتأمل ، وللحوارات مع النفس.

الذي يعرفني جيدا يعرف انني لست شخصا صباحيا، ومن الصعب جدا ان استوعب العالم قبل الساعة العاشرة صباحا .. لكن اليوم قررت ان اجرب الصباح، الساعة الثامنة والنصف صباحا للفطور مع صديقاتي ثم للسلام على صديقي الكورنيش.
٣١/ ١٢ / ١٣ صباحا ، الدنيا حلوة! جو الشارقة الصباحي هادئ، درجة الحرارة تقرأ ١٩ وهواء منعش يُقبلُ وجنتيّ ... صباح الخير :) 

٨ سنوات مرت كاللحظ ... احب الشارقة على الرغم من ازدحام طرقها المزعج ... احب مساجدها واصوات مؤذنيها، اعشق الكورنيش ... ومحل "الابريج" الذي يبيعك اطيب شاي كرك ممكن ان تتذوقه، و مقعد هادئ بعيد عن زحمة الشوارع للتأمل  ... زبد البحر الذي يدغدغ اصابعي حيث اجلس الان ... وصوت فيروز  يملأ الدنيا حبا ! ربما لهذا مزاجي معتدل جدا ::) 

٣١ / ١٢ / ١٣ ... الدنيا يملؤها حنين لساكني بغداد ... نسم يا هوا اليوم ، "ع بالي" رائحة القداح من بلادي .. ع بالي مسائات مضت يساعدنا جدي فيها بتزيين شجرة العام الجديد .. ع بالي مشية على ضفاف دجلة ... عَ بالي الكثير الكثير، يا من يأخذني هناك؟!

٣١ / ١٢ /١٣ .... وحشاني الدنيا في بلدي، كيف وصل بي القلم الى هنا يا ترى؟ لا يهم ، احب هذا الصباح ؛) صوت في اذاعة الحياة لمقدم يسمى "عبد الله" ذو لهجة اماراتية ترسم ابتسامة على الوجه ... (عذرا لصديقاتي البنات! اللهجة الاماراتية احلى بمراحل على الاولاد) ... عبد الله يسمعنا اغنية وحشاني الدنيا في بلدي لكارول سماحة، ربما هذا السبب لتحول مسار الحبر على الورق.

على العموم ... صباح( او مساء)  شريف لكل من يقرأ ...


27.12.13

حوار مع النفس ...

وسألت نفسي حائرا انا من اكون؟ 
مالي عشقت السير في طرق الظنون؟
فإذا جنوني صار بعض تعقلي، وإذا بأفكاري يغلفها الجنون ... انا من اكون؟ 
................….....................

لماذا كل هذا التخبط يا ناي ؟ ليلا تحلمين وتخططين وتبنين قصورا من خيال .. على غيوم بيضاء يسكنها اطفال صغار ، ابوابها من الشوكولاته و شبابيكها تفتح باغنية من صوت كاظم الساهر... تنامين على انغام كلاسيكية وصوتا يقرأ لك قصة ما قبل النوم ...
 
وتصحين على بيوت قديمة .. لا صدى لاطفال فيها، لا خرابيش على الحائط، لا الوان، لا كتب عن نيفرلاند وبيتربان .. لا قهقهات هستيرية بعد يوم ممل، لا احد يخيرك بين الموت على صدره او فوق دفاتر اشعاره !

كيف تحولين ضجر الصباح الى خيال الليل هذا؟ وهل انت بالشجاعة الكافية يا ترى ؟
كلماتك جوفاء يا ناي .. كصوت نايّكِ القديم هذا، لا احد يعزفه اليوم، ذكرى قديمة في صدى صوت فيروز لا احد يأبه لها.. صورة من زمن مضى واخشى انه لن يعود ... كاحلام الاطفال هذه!

عُمتِ مساءً يا غريبة ...

13.12.13

حكايات من المترو ... ٥


مزدحم جدا طريقي اليوم ،بارد جدا .. اطفال بيض وشقر يحوطونني من كل جانب ملتحفين بمعاطف زرق موحدة اللون، يبدو لي انها رحلة مدرسية .. اسمع احدهم يناقش الاخر في طعم الشوكولا، وطفل اخر-ذو ذائقة خيالية سليمة- يحاول اقناع اصدقائه ان اشجع "سوبر هيرو" او بطل خيالي هو "باتمان"، وصغيرة خجولة تجلس في اخر مقعد تستمع للاحاديث وتضحك، يخيل اليك ان ابتسامتها ارق ما لمحت عينك، واصدق ما تّلمسَ قلبك .. 
وطفل اسمر البشرة، صامت .. لا رأي له في طعم الشوكولا او سيارة باتمان، يلون خياله حلمه .. ويحتفظ به لنفسه...

----
مشهد اخر اتابعه على شاشة هاتفي وانا مع هؤلاء الاطفال، مشهد عن اطفال اخرين سرق الزمان خيالهم... اكاد المحهم ، اطفال لم يسعفهم العالم على ان يتواجدوا في هذا القطار معي ... اطفال يلتحفون البرد والدموع .. ويتخذون من الرصيف ابا واما.

ما فائدة كل هذا الخيال والحلم والتعليم يا الهي ان لم يرسم بسمة على وجه طفل عراقي، او يدفئ طفلا سوريا في المخيم ...ما فائدة كل هذه الكلمات التي لا تسع حروفها لحافا لبردهم !
يا رب .. خلقتهم جميعا اطفالا، بعضهم بمعاطف وبعضهم بجلود لا يقيها من البرد شئ ... كن لملائكة الارض عونا .. كلهم، لا بسمة تقدمها كلماتي لهم، منك وحدك ضحكاتهم .. يا رب!

23.11.13

خربشات ليل ... عن الحب


لي صديقتين مقربتين جدا، نعرف بعضنا منذ ١٠ اعوام تقريبا، منذ ان كنا اطفالا
حدث وان "وقعت" كل منهما في الحب منذ فترة.. وكنت انا الهاتف الليلي الذي تشتكيان له كل ما يتعبهما..
لم يتصل بي اليوم، تكلم مع صديقتي بطريقة غريبة، لا يفهم في الشعر، كثير المراوغة ... 
كنت اسمع شكاوٍ كهذه كثيرا، ثم يتصالحون وتعود الرومانسية الى مجاريها، و ما هي الا ايام ويرجع هاتفي يرن في الليل لاسمع مشاكل اخرى...

كنت في ايام الصفاء اتمنى ان اكون مثلهما، استيقظ صباحا على رسالة من شخص ما... لكن الحمد لله حنيني الصباحي هذا يختفي ما أن انظر الى هاتفي واتذكر معاناتهم الدائمة ... هؤلاء العشاق!
---
افكر احيانا .. لكنني عاشقة من نوع اخر، يحدث ان يحب بعضنا شخصية خيالية فيعيش معها لحظات قرأها في كتاب..
او ان احب -مثلا- شاعر على بعد مئات الكيلومترات، و ١٣ سنة ، و جنسيتين. ولكنني اغار على كلمات يكتبها في قصائد اعرف انها لم تكن لي يوما.. او تغريدات شعرية يصبح بها على احدى متابعاته.

يحدث ان يحب احدنا يتيما ما، فيتخيل كيف يحارب المجتمع كله كي "يتبناه" حتى وإن كان غير متزوجا...
يحدث ان يموت بعضنا ايضا.. في حب مدينة بعيدة، لا تشعر بكلماته، تبحث في قواميسها عن كلمات مفقودة كالعدل والحب والامان ... والامانة.

من يا ترى اشقى؟  هؤلاء الذين وقعوا في الحب؟
ام انا؟ 


17.11.13

حكايات من المترو ... 4


اعتذر عن تاخري في نقل الصورة من تحت الارض .. كنت في عزلة عن العالم لاسباب دراسية 
ورجعت اليوم الى حياتي التحت أرضية ...
تكلمت اليوم مع شخص فعلا! كنت في المترو على خط ال "نورثرن لاين" الى محطة يوستن.
توقف القطار لمدة ٢٠ دقيقة في احدى المحطات، لان احدا ما انتحر امام قطار اخر!
ولكن فرصة ال ٢٠ دقيقة هذه جعلتني اسال احدهم عن سبب التاخير .. تنهد الشخص قليلا، ثم قال: "غبي اخر انتحر" ...
فكرت قليلا : عديم الاحساس انت ايها السيد!
واستطرد هو: "إن كان الشخص قد قرر انهاء حياته، ما ذنبي انا لأتأخر عن عملي؟" ... نظرية فعلا!
ابتسم الرجل، يبدو انه تأخر عن عمل مهم، يهيأ لي انه في اواخر الاربعينيات، رجل ببدلة سوداء وربطة عنق مخططة برمادي ووشاح اسود انيق يلف به رقبته... تأخر عن عمله المهم في مكتب محاماة ربما؟ يحلو لي ان افكر هكذا...
بعد ٥ دقائق، سألت المحامي الانيق عن حادثة الانتحار هذه :" كم مرة تقريبا يحصل هذا الامر يا سيد؟"
"اسمي ماثيو"
"وانا ناي، حسنا سيد ماثيو، هل يحدث هذا الامر غالبا؟"
"نعم، مرتين او ثلاث في الشهر"
"يا الهي، اني افضل ميتة اقل هدوئا"
"مثل ماذا؟"
"لا اعلم، ربما في النوم" .. وفكرت او في المسجد النبوي .
"وانت يا ماثيو؟"
" لا اعلم، لكن لا يهمني كثيرا، ما دمت قد عشت حياة سعيدة، لا ابالي كيف اغادرها .. ان من يفكر بطريقة موته متشائم، يتلف خلايا دماغه ويصرف طاقته بشئ لا يد له فيه.. غالبا"
"ولكن صديقنا هذا قد اختار موته بيده"
"اناني احمق، انا متأكد بأن شخصا ما في مكان ما سيفتقده"
"ربما"
"ناي .. هل يعني اسمك الرفض؟"
ابتسمت ... ربما في لغة اخرى، سيفسر هذا الكثير!
"لا يا سيدي .. آلة موسيقية جميلة .. ال (فلوت)" 
"اخبريني يا ناي .. ما الذي اتى بك الى هنا؟"
"الحياة يا ماثيو ... حكمت الظروف علي ان اولد في هذه الفترة الزمنية التي تتميز بلادكم فيها بتعليم جيد .. وتتميز بلادي فيها بالاطلال فقط"
تحرك القطار ! حسنا اذن سيعود كل منا الى قوقعته .. ساعود لدراسة مدن لا علاقة لها بمآسي مدينتي .. وسيعود هو الى دراسة الثغرات القانونية في قضية تفرقة عنصرية...
"حسنا يا ناي .. سعدت جدا بالحديث معك، اتمنى ان تغيري اطلال ماضيك الى حاضر مفعم بنغمات موسيقية ... كأسمك"
"شكرا يا عزيزي .. اتمنى ذلك ايضا"


26.10.13

حكايات من المترو ... ٣



في رحلة العودة للمنزل اليوم، اخذت ولاول مرة قطار المساء المزدحم، قابلت اصنافا من الناس.
طوال، قصار، اجانب، اسيوين، عرب، بيض و ملونيينو صفر وحمر ... واطفال.
معظم من قابلت اليوم كانت عينهم في رواياتهم او في هواتفهم الذكية.. بعضهن في المرايا لوضع اللمسات الاخيرة قبل موعد ما .. وبعضهم -مثلي- في وجوه الاخرين، يحاولون ان يخترعون قصصا وحوادث وهزائم وذكريات.
وكان هناك الاطفال ... الاطفال الذين يتنقلون من مكان لاخر، يتحدثون مع الجميع، يسألون عن كل غريب، يغنون بصوت عالٍ، لا يهتمون للشكليات، يلعبون في اي فسحة متوفرة... يعيشون كما لا نفعل.
سألتني طفلة ذات عينين زرقاوين عن بلدي اليوم، "من اين انتِ؟" سألت .. وعينيها تقطر براءة
"من بلاد العجائب" اجبتها
-أتعرفين أليس؟
-بالتأكيد اعرفها، كنا نسكن في نفس الفطر معا!
-أي لون كانت فطرتكم؟
-حمراء بنقط بيضاء، وكانت عندنا حديقة صغيرة فيها ورود تنبت شوكولا، نقطفها كل صباح.... لقد قطفت لكِ واحدة اليوم.. تفضلي
-هذه لي؟! كيف عرفتِ اننا سنتقابل؟
-أليس اخبرتني
-هل يمكنكِ ان تشكريها عني؟
-نعم يا جميلتي.
 ---------------------------------
اسهل على جميلة كهذه ان تفكر ببيوت من الفطر وحدائق من الشوكولا، على ان تتخيل مدينة لا مكان للخيال فيها...مدينتي!
انا اعلن اليوم تمردي على بلداننا هذه ... انا من بلاد تنبت فيها الشوكولا كالثمار، انا من بلاد العجائب، من نيفيرلاند ... انا من الجنة؟

هذه الجميلة قدمت لي هدية رائعة اليوم، انستني -ولو لحظات- اننا كبار.

22.10.13

عن ليلٍ موحش ...

موحش هذا الليل .. سواده لا يمت للحياة بصلة
على ناصية شارعنا فتاة يبكيها الليل . انتظرت حبيبها بفارغ الصبر علّ الصبح يلفظه الى ذراعيها، سرقها منه ليل البارحة وخانها ليل اليوم.

في بيت جيراننا حفلة صاخبة الاصوات تعادي هدوء هذا الليل الموحش الا انه يأبي ان يدخل على قلبي سرور النغمات ...

وفي داخلي حنين .. اعرف جيدا "لمين"، لكن بيننا ليل طويل، ومسافات ضوئية، وصوت يحذرني من الرجوع خالية الوفاض ...

وفي قلبي غصة ... لأولئك الذين اشتاقت روحي لاصواتهم وهم تحت التراب، وفي عيني دمعة تأبى الرضوخ للغصة, وفي قلمي حبر تربكه الدمعة ...

وعلى طرف لساني قصة ... موجوعة الحرف

....
 صوت يزلزل زوايايّ ، اسمعه يهتف في داخلي، اما حان الوقت يا ناي؟ كفي عن مناجاة غرباء الليل، ابتعدي عن معطوبي الذاكرة، غيري التاريخ كما غيرتي الجغرافيا ... صوت يبعدني عني، ويقربني مني

ما عدت اعرفني في الليل ... 
خطفتني مني ... 

21.10.13

حكايات من المترو ... ٢

الحلقة الثانية
في رحلتي الصباحية (جدا) اليوم بين محطات القطار الى مقر الجامعة ... سمعت احد المسافرين يثرثر عن برودة لندن بالنسبة لمدينته في الجنوب الانكليزي ...
ولا يعلم كم باردة هي بالنسبة لجلدي الصحراوي ...
ولكن لنتحدث عن ابعاد اخرى .. جميع الدول الكبرى باردة بطريقة او باخرى، الاحياء الكبرى، المطاعم الكبرى، محلات التسوق .. و المدن

مدن باردة، لا دفيء حكايات جدتي فيها ، محلات تسوق جامدة ، مطاعم جاهزة للتمثيل، واحياء كبرى كل شيء فيها لا يمت للذاكرة بصلة.

...
لم اكن يوما من محبي هذه الاحياء التي نرى فيها سيارات فارهة، مسابح ،اضاءة صناعية و بيوت بيضاء تعلن استسلامها لمفاجئات الزمن.

انا من مشجعي الاماكن التي  يختبيء فيها عطر قديم، "شخابيط" اطفال تعلموا الكتابة للتو ... اثار طباشير لملعب كرة قدم شارعي، رائحة القداح ... الصغار وهم يوزعون بينهم مصاصات المساء، و يتناقشون عن ظلم جيري لتوم.
...
نعم يا سيدي العزيز مدنكم باردة ومصطنعة لا يتحدث فيها الناس لبعضهم ، ومدن ذاكرتي دفئها لا يحتمل 

20.10.13

حكايات من المترو


الحلقة الاولى

ما بال هؤلاء اللندنيون لا يكلمون بعضهم بعضا ... حديثهم موجه دائما الى دواخلهم، ليس لهم علاقة بمن يحتل المقعد المجاور، لا علاقة لهم بصراعاتك اليومية، احباطات صباحك او انتصاراتك، لا احد فيهم يهتم لسؤالك، او يشغل باله باحوالك ...
قلما يتحدثون وإن فعلوا فيكون عن وجهة القطار او عن جريدة الرياضة.

لا احد يسالك عن سر هذا الصوت الجميل المنبعث من سماعات اذنيك، او عن الرواية التي تقرأها ... او كيف حالك؟

ساعمل على تغيير ذلك في الايام القادمة ، استعد ايها اللندني الواقف عن يميني محدقا باللغة الغريبة التي اكتب بها وبألوان خاتم جدتي ...
استعد لمن سيسالك عن تحديات يومك، فطورك الصباحي، بأي لون حلمت البارحة و كم لغة تتحدث ... استعد لابتسامة على وجهي كالصدقة :) وبحديث بلهجة غريبة،مطعما بكلمات عربية من نوع "شكو ماكو؟" ...

ثرثرة ربما تشرق يومك .. او تثريك بموضوع تتحدث فيه على العشاء مع اطفالك عن عربية جميلة. .. لا تشبه الذين في التلفاز!
مبتسمة .. وكفى!


16.10.13

الحلقة الثانية .. في القطار

لا انتمي الى هنا
عندما تشعر يا سيدي بأنك في المكان الخاطيْ.. في المهنة الخاطئة ... في زمان لا تنتمي له 

مدينتك أخطأت زمانك ومكانك ايضا , جعلتك من منفيي هذا الزمان , غرباء دائما , لا يشاركون الناس احلامهم, اذواقهم, وجهات نظرهم , حبهم للاغاني, قرائتهم للروايات, حبهم لاشخاص لا وجود لهم الا في خيال كتاب غيرهم .. ياللمأساة!
هل انت خطأ قام به الزمان .. او ربما انت خطأ مكاني ؟ لا تنتمي الى جنس البشر هؤلاء , هؤلاء الذين لا يبالون بألمك , بحبك , بمآسي حياتك بذاكرة حروبك وبحروب ذاكرتك
انت ... لا ... تنتمي 

عم تبحث يا ترى؟ لا هدف لك الان .. كل ما يهمك او كان يهمك انت عاجز عن تحقيقه
كتاب كأن سطوره كتبت من اجلك لكنك أحرقته وما عدت تذكر من كلماته شيئا , فكيف يا سيدي  ستعيش لحظات احرقت لغتها .. كيف ستفهمها وهي لا تتحدث الا صمتا ؟
وانت عجزت حتى عن لغة الصمت 

عزائك ايها الغريب انك لست وحيدا .. فالكثير من الذين يلتفتون اليك وانت تكتب هذه السطور هم من غرباء هذا الزمان ايضا ... كثير منهم يود ان يسألك بأي لغة تحلم؟ وبأي لون تكتب؟ وكم من العمر سرقت ... وإلامَ تنتمي؟ ايها اللا منتمي
إنتظر احدهم ليسبر غور اعماقك.. يرش الملح على جراحك, وأعطه الحرية التامة لفتحها عن آخرها .. نكأها او تطبيبها
علك تنتمي يوما ...

2.10.13

فأحمل بلادك أنى ذهبت .. وكن نرجسيا اذا لزم الأمر



 مقدمة ...


ما اسعد حظك اليوم ... انت الذي نجوت من اهوال العدوان "الثلاثيني" على العراق ولم يتجاوز عمرك الاربعين يوم ... انت الذي اتخذت من صفارة الغارة حكاية ما قبل النوم ... انت الذي افطرت في رمضان على صوت القنابل عندما كان عمرك ثماني أعوام شداد, أنت الذي نمت على هول حكايات السجون والتعذيب قبل واثناء وبعد جميع حروب ذاكرتك.
انت ... يا من نجوت من دمار الاحتلال, من شظايا اسلحة الدمار الشامل والقنابل العنقودية ... من زجاج السيارات المتكسر, من صاروخ أخطأ بيتك ... وقتل ابن جارك. 

تتفقد جسدك اليوم ... لا ندوب,  لا مخلفات حرب .. كامل الأطراف انت .. تتحسسك ... تطير من الفرح! نجوت من جميع هذه الأهوال... لا بأس, لا زلت شابا .. وحيا".
أنا على "قيد" الحياة ...

تستيقظ في اول يوم لتدرك سعادتك ... فرصة أخرى تعيشها بعيدا عن مدينة الموت تلك ...كامل الأطراف.

تستيقظ في اليوم الثاني ... يختلف عليك المكان, اين انا؟ وماذا أفعل هنا؟ من هؤلاء الناس ذوي الشعر الاشقر والايادي الباردة؟
تستيقظ بعد حين... أنا "مقيد" بالحياة, تدرك سريعا انك يا عزيزي مغترب... وبدلا من فرحتك العارمة, يغمرك تناقض المغترب! أنا حي ... ولكني لست "هناك" ! 

بعد حين ستدرك ... ايها الاحمق انك في الغربة ... ستعرف الكثير من السناجب و الاشجار الخضراء والهواء النقي, موسيقى في الشوارع ومسارح ورقصات باليه... لكن لن يشرق الفرح على قلبك, لا قوس قزح يزين سماء مدينتك المفضلة, لا ناي يعزف في مدينتك ,, لا مسرحية تعرض على عتبات المسرح الوطني ... غصات المقارنة ستطاردك كشبح ذنب لا تستطيع التخلص منه.
لاحقا ستدرك .. انك لا تصلح للحياة او الموت الا هناك ... حيث هربت من الموت .. هربت من الحياة أيضا!

"أنا من هناك , أنا من هنا
ولست هناك , ولست هنا
لي إسمان يلتقيان ويفترقان...
ولي لغتان نسيت بأيهما
كنت أحلم"

24.9.13

عن نصف حياة ... وجبران خليل جبران



"لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل، إذا صمتّ.. فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت. إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول..نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة.. النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز.. لأنك لست نصف إنسان. أنت إنسان.. وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة" 


لا قلم يجرؤ على الكتابة بعدك ... أشتقتك يا جبران!

17.9.13

بين قلمي ... والتايمز

أنا اعترف لك عزيزي القارئ ان البحر يغريني كما يغريني جميل غامض  ، البحر سيد الاسرار يستدرجني بين الحين والاخر لعلاقة بوح عابرة... اكتب له كما تكتب متعبة لجندي في الجبهة...
 لكنني ابنة النهر، يفهمني جيدا، اعرف منحنياته ويعرف حروفي ... طويل البال، هادئ، حليم، قلما يغضب ... جميل في جميع احواله، يقبلني إن هجرته ويستقبلني إن أخطأت في حقه.

اتذكر عزيزي القارئ ذلك النهر الذي رقصت معه ذات ليلة شتائية؟ النهر الذي غازل خصلات شعري السوداء برذاذه المتطاير ؟ ... دجلة

قابلت اليوم نهرا آخر ... نهرا مغترب، يعيش في اجواء باردة ويرفض الرقص مع الغرباء.. نهر بلكنة خاصة .. شامخ ذو مياه عالية، قديم كذلك النهر العظيم ... جميل مثله، له بعض من خواص البحر، غامض احيانا ... وغاضب في معظم الأوقات... نهر يوقعك في حبه من اول "مشية" !
... التايمز
ستكون لنا حكايات انا وهذا النهر .. وسأعلمه الرقص على انغام دجلة، وسأحدثه عنه، سنكتب سويا -انا والتايمز- كتابا عن نهر اخر ... وسنرسل لدجلة من هنا بطاقة حب تضمنا .. عله يشعر بالغيرة عليّ قليلا .

13.9.13

خواطر مبعثرة


قررت اليوم ان افضي شحنات الصداع النصفي التي تصيبني احيانا بالنقر على كيبورد الايفون هذا بضع نقرات لاكتب خواطر لا علاقة لها بحالتي السايكولوجية وانا استمع الى قيصر الغناء العربي  يخيرني ما بين الموت على صدره او فوق دفاتر اشعاره ...

سؤال وجودي ايها القيصر ... لكن لم تخيرني بين الموت في الحالتين؟ الا يمكنني ان اعيش ولو لفترة غارقة في دفاتر اشعارك!؟

عذرا ... خرجت عن موضوع الخواطر غير المرتبطة التي لا علاقة لها بكاظم الساهر-اليوم على الاقل!
----
اشتقت ان اتحدث الى البحر، البحر يغويني .. يغريني بالكتابة .. تماما كما يفعل المشي 
البحر يلهمني .. كأنه يجمع لي افكار من يستأمنوه على اسرارهم ويهمسها في اذني ... كأنه يريدني ان اخفف عنه حمله، ان اتتبع خطوات من يشكو لشاطئه ... ان ابتسم باكية لمن يلتحف رمله .
لكن أي بحر يستقبلني؟  وانا كائن نهري يغير جلده ... يكره الملوحة ، والبرزخ الذي بين النهر والبحر متناقض لا يستهويني.
اتراك تحبني يا بحر؟ ام انك تفرغ محتوياتك لكل من قرر ان يسمع لك ... ام انك مثلي مغترب ، لا تعرف امواجك في اي بلد ولدت وعلى اي صخر ستنكسر .
هل لك اصدقاء يا بحر؟ ام كل من يشكو لك عابر سبيل؟ أتراك ذو ذاكرة جريحة مثلنا غرباء هذا الزمن؟
هل عشقت قبل هذا؟ هل احببت فتاة غازلك شعرها الاسود المبلل؟ هل شاكستها عنوة .. هل غرقت فيك يا بحر؟ ام تراها تتنفس تحت الماء؟ هل عزف تائه ما الناي لك .. وتركك تستجدي الحانه؟
----
احب الناي جدا .. ربما لان فيروز غنت له ... وناي جبران قريب الى قلبي ... كحبيب قديم.
وعندما تغنى القيصر بالناي احببته اكثر -نعم عدنا لكاظم الساهر مرة اخرى ، بلا سبق اصرار عزيزي القارئ, ربما لأن اليوم ذكرى ميلاده، كل عام والابداع موطن حنجرتك ايها القيصر- صار الناي جزئا من ذاكرتي الصوتية ... في صوتها ناي! كم جميل صوتها اذن...أليس كذلك؟
----
الكتابة اخر الليل ممتعة ... تجعلك تخرج مكنونات صدرك بنقرات لها صدى فيروزي على قلبك ... هكذا بدون جهد كأن عقلك الباطن هو من يكتب لك
الكتابة اخر الليل تجعلك تتخيل نفسك جالسة امامك، مستمعة لك ... تحثك على ان تكتب لمدينة أمية لا تقرأ ... ربما لهذا اخترت عدم الترابط حالة مشتركة لهذه الخواطر بحرية اللون ...
سلمت يا ليل ... ودامت تناقضاتك ملهمة ... كنايٍ قديم.