تناقضات ذاكرة مغتربة ...

13.12.13

حكايات من المترو ... ٥


مزدحم جدا طريقي اليوم ،بارد جدا .. اطفال بيض وشقر يحوطونني من كل جانب ملتحفين بمعاطف زرق موحدة اللون، يبدو لي انها رحلة مدرسية .. اسمع احدهم يناقش الاخر في طعم الشوكولا، وطفل اخر-ذو ذائقة خيالية سليمة- يحاول اقناع اصدقائه ان اشجع "سوبر هيرو" او بطل خيالي هو "باتمان"، وصغيرة خجولة تجلس في اخر مقعد تستمع للاحاديث وتضحك، يخيل اليك ان ابتسامتها ارق ما لمحت عينك، واصدق ما تّلمسَ قلبك .. 
وطفل اسمر البشرة، صامت .. لا رأي له في طعم الشوكولا او سيارة باتمان، يلون خياله حلمه .. ويحتفظ به لنفسه...

----
مشهد اخر اتابعه على شاشة هاتفي وانا مع هؤلاء الاطفال، مشهد عن اطفال اخرين سرق الزمان خيالهم... اكاد المحهم ، اطفال لم يسعفهم العالم على ان يتواجدوا في هذا القطار معي ... اطفال يلتحفون البرد والدموع .. ويتخذون من الرصيف ابا واما.

ما فائدة كل هذا الخيال والحلم والتعليم يا الهي ان لم يرسم بسمة على وجه طفل عراقي، او يدفئ طفلا سوريا في المخيم ...ما فائدة كل هذه الكلمات التي لا تسع حروفها لحافا لبردهم !
يا رب .. خلقتهم جميعا اطفالا، بعضهم بمعاطف وبعضهم بجلود لا يقيها من البرد شئ ... كن لملائكة الارض عونا .. كلهم، لا بسمة تقدمها كلماتي لهم، منك وحدك ضحكاتهم .. يا رب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق