تناقضات ذاكرة مغتربة ...

28.1.12

مذكرات بغداد - اليوم الأول


اليوم الأول : مخلفات الأحتلال ... طائفية و دمار

من مميزات الاحتلال انه يترك بعض الأشياء كما هي ... كما هي بالضبط
فما زال النفط أكبر هموم جدتي .. و ما زالت الكهرباء أحد أهم أزمات العصر و لا زال صاحب "المولدة" الصديق اللدود .. و ما زال الماء باردا حيث لا توجد كهرباء لتسخينه..والا فما معنى ان يكون المرء تحت الأحتلال؟

تخلصنا- و الحمد لله- من الصور و التماثبل القديمة...ولكننا أبدلناها صورا و اعلاما و تماثيلا و لافتات و "كرافيتي" منه الجميل و منه ..! و استبدلنا أسوارنا بحواجز كونكريتية و أسلاك شائكة و مطبات غير أصولية و سيطرات عسكرية تباعد بين محطات ذاكرتك و بين واقع حاضرك   .. و الا فما معنى أن يكون المرء تحت الأحتلال؟
من مخلفات الأحتلال ... أن لا يملك الشعب حق الأسماء ... حرمنا من أن نسمي الأحتلال احتلالاو ان نسمي التفرقة حسب الهوية او المحافظة عنصرية ! .حرمنا من أن نزور قبر شهيد كان يقربنا لان اسمائنا قد لا توافق في الهوية طائفة اسمه ...و حرمنا من  ان نسمي هذا طائفية!  والا فما معنى ان يكون المرء تحت الاحتلال!؟

ولكن .. كما ان الاحتلال يحرص على ان نبقى في نفس اللحظة و نفس الزمان منذ ان تطأ اول دباباته ارضنا ... فان الشعب المحتل يصر على ان يقاوم بطريقته هو .. فيتخذ من ابسط مسراته احتفالات و من ابسط عطله مسرات..تراهم يحتفلون في عيد الجيش احتفالا كأن الشعب العراقي امسى كله جيشا ... وتراهم يأكلون في العيد كانهم ما اكلوا قبلها ابدا... و تراهم يحضرون الطعام في اربعينية الامام الحسين كان كل شخص منهم مسؤؤل ان يغذي الشعب العراقي بأكمله...هذه المقاومة المتناقضة الجميلة...فالفرح قوة و هم اقوياء بفرحهم و بحزنهم .
هم اقوياء بشوارعهم التي – على الرغم مما يحصل و على خلاف توقعاتي- نظيفة , هم أقوياء بجامعاتهم التي رغم القوانين التعسفية و الطائفية و الزي-موحدية لا زالوا يقاومون قوانينها و يدرسون و ينجحون و يخترعون و ينجزون.
هم اقوياء بشارع المتنبي الذي – و الحمد لله – لم يتغير ... هم اقوياء بالكتب و الشعر الذي يلقى على مسامع الجميع في مقاهي ابي نؤاس .. هم اقوياء بافراحهم الصغيرة و بخيباتهم الكبيرة .. هم أقوياء .. نسيت أن اخبرك عزيزي القاريء ان من مخلفات الاحتلال ايضا ان يتركك اكثر حساسية للفرح .. و اكثر بلادة للحزن
و الا فما معنى ان يكون المرء تحت الاحتلال ...


تناقضات غربة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق