تناقضات ذاكرة مغتربة ...

28.2.14

على حافة الهاوية ...


هل تعلم يا انت؟
كنت في أيام مضت اظن بانني اعرف هذا الطريق جيدا ... كلا, مفردة "أظن" لا تصلح هنا , كنت متأكدة من ان هذا هو الطريق الذي سيوصلني الى ما اريد , الى ما احلم به , الى ما احب .. واليك.
هذا هو الطريق الذي وجدته انا وحدي صدفة على ناصية الرصيف المقابل لبيتنا,  طريق صنع خصيصا لي .. غير مرئي للآخرين , كل الذي يتوجب علي فعله هو وضع قدمي واحدة أمام الاخرى , وضرب هذه الأرض بخطى واثقة ... وسيوصلني هذا الطريق الى حيث حلمي ينتظرني لاحققه.
تضع اول قدم على الطريق .. وتظن أن اصعب جزء واهم قرار في حياتك قد اتخذته وحان وقت جني الثمار , لا يخطر ببالك لحظة حين تخطو اول خطوة بأن سؤالا اصعب بانتظارك وعمرا من التفكير ... لماذا؟
لماذا اخترت هذا الطريق يا ترى؟ ولمَ الان بالتحديد؟ وما الذي كان سيحصل لو انك لم تتعثري بهذا الطريق على ناصية الرصيف؟ واي مدينة كان سيقودك اليها قدرك ؟ اي كتاب؟ اي مسلسل ؟ اي عشق خفي؟ واي اغنية علنية تتمتمينها وحدك تحت هذا المطر؟ هل كان سيكون هناك مطر اصلا؟ ... لماذا سؤال اخطر بكثير يا انت .
كثيرون هم ذوو الموهبة والقدرة على تجاوز خطورة هذا السؤال , السهو عنه , نسيانه او تناسيه .. كثيرون لا يضجروا انفسهم ولو للحظة, لماذا؟ لماذا هذا الطريق بالذات؟ لمَ انا؟ و لمَ انت؟ ولمَ هذه اللغة وهذه البلاد؟ و لمَ لا يحق لي ان ارجع كم خطوة الى الوراء او ابدأ من جديد؟
هل فكرت بكل هذا عندما أخذت تلك الخطوة يا ترى؟ يالها من خطوة يا الله ... يالها من خطوة, خطوة تفصل بين طريقين , وحال ما تختارين تشعرين بانفاسك تلهث , كانك قطعت العمر ركضا .. للوصول الى هذه الخطوة .. خطوة تفصل بين عالمين.
عالم مللت من الركض في ايامه الى ان وصلت هنا , وآخر لم تعرفي منه سوى هذه الخطوة ... الخطوة الحلم. لكنك يا عزيزتي لا تألفين الطرق الغريبة, الغامض لا يستهوي أمانك, والمجهول لا يغري ذاكرتك التي تعبت من المفاجئات غير السارة.
لكن آن الوقت ان تحددي من اي الفريقين انتِ؟ هنالك ناس لا تهوى اللعب على حبال معلقة فوق وادٍ مظلم , تضع مخططا لكل خطوة وكلمة وابتسامة وفكرة, تعرف متى تتكلم ومتى تسكت .. تميز التجارب الناجحة كما تميزين انتِ اللهجة البغدادية ...
وناس لا تعترف بنبضات قلبها الا اذا كانت تؤدي بها الى المجهول, الى طريق لا تعرف نهايته وتعول على حدسها وذكائها والحظ في كشف النهاية... ناس لا تتردد ولو للحظة عند رؤية الغريب, تسحرها زهو التجربة, وعمق الوادي تحت هذا الحبل المعلق, لا تهتم ان كانت تستطيع الرجوع في منتصف هذا الطريق او لا.
مشكلتك يا عزيزتي انك حاولت الانضمام لكلا الفريقين وفشلتي ... فشلتي في الانتماء فشلا ذريعا .. يخيفك المجهول ويغضبك الوضوح, تظنين ان المنطقة الرمادية هذه ستجعل من اختيارك اسهل, او تمنحك فرصا اكبر ان اضططرت يوما الى اختيار مفاجئ ... ولكنك يا عزيزتي لا تعلمين حتامَ تستطيعين الوقوف في هذا الوسط ومن سيزاحمك على هذه الدائرة .. تقفين على  حافة هذه الهاوية , بدون اختيار.

هناك تعليقان (2):

  1. كأنك تكتبينني عزيزتي .. حرفا حرفا وكلمة كلمة تصفين طريقة التفكير والمشاعر .. كأنك في قلبي :)
    استمري وسأستمر بالمتابعة..

    ردحذف
  2. يسعدني ذلك جدا .. علنا نجد الحل يوما عزيز(ت)ي :)

    ردحذف