تناقضات ذاكرة مغتربة ...

5.9.13

غربتان يا وطني

منيت ببعدك برغبتين ... 
غربة الأماكن ... وهذه غربة مقدور عليها، توجعك وجعا قليلا في البداية ثم تتخدر و تتعود ويعجبك جديدُ مكانك. تشتهي بين الحين والآخر مكانا كنت تدمن القهوة فيه، أكلة لا تأكلها الا من مطعمك المفضل، مثلجات تغويك بطفولة قد مضت ... تحاول تعويضها بأي شئ مشابه وقريب ... ثم تمضي في يومك 

والغربة الكبرى ... غربة الأهل والأصدقاء ،أبناء الخالة،الجيران، المدرسين، فلاحي البيت ... غربة بعمر! 
هذه الغربة لا تفارقك، توجعك في كل مكان، تدمعك احيانا، تجعلك تبتسم كالأحمق عند سماع أغنية كنت ترقص عليها صغيرا مع ابن الجيران ...
هذه الغربة تنفي فيك أجزاءً صغيرة، شيئاً فشيئاً 
تكتسب أصدقاء جدد، تحاول التعويض، تحبهم كما أحببت من يشبهونهم من قبل ...
لكن من يعوض ابناء خالتك؟ من يعوضك عن لعبة كرة قدم في شارع معكر يدمي قدميك؟ من يعوضك عن عدم حضور عرس اعز اصدقائك؟ من يعوضك عن جلسة طويلة جدا في ظلال نخلة شامخة في بيت جدتك؟ عن توزيع "الهريسة" كل سنة كما عودتك والدتك؟ عن الجيران الذين يؤخرون فطورهم حتى تصل هريستك؟
هذه الغربة كالمتلازمة، لا شفاء منها وتظهر اعراضها كل ما نظرت الى صورة احد منهم، سمعت اسمه، او نكتة قالتها او طبخة تحضرها او لون تعشقه .... غربة تسرق منك تفاصيل العمر.

من يعيد لك العمر ؟ من يعوضك عن العمر؟
موجعة هذه الغربة يا وطني ويكذب من يوهمك بأنه شفي منها ....
الله يسامحك 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق