ليل آخر يطل عليك وانت وحدك , جدران الغرفة
مصبوغة بلون تعرفه جيدا , لون صمتك! لون ذاكرتك العنيدة , لون ماضيك و ماضي مدينتك
الموحش .
لا تهمس, تخشى على هذا اللون من التصدع , تخشى
عليه من صراخ ذكرياته الملطخة بالدم و الحبر و القهقهة الكاذبة , و الألم .
تتبسم لهذا القلم الملعون , تكتب!
تقنع نفسك بأن احدا ما في هذا العالم يقرأك و
يقرأ سطورك و سيَفُكُ رموز صمتك ذات يوم , تكذب!
ينزعج قلمك منك فجأة , تجبره على كتابة سطور
لا يريد صلة بها , لا يقوى على تذكر محتواها .. فحتى القلم ما عاد يقوى.
تعتذر له, و أبتسامة حزينة تزين قسمات وجهك ,
تشرب الشاي بدون سكر طالبا السماح من ورقتك .. و منك.
تتخيل من ضجيج الصمت أن شخصا ما او شيئا ما
يهمس لك , يتسامر معك , يحدثك عن شوق يخض دمك , يتمتم أبياتا من الشعر كتبت على
جدران غرفتك , رسمت بنفس هذا القلم الذي تخط به اسمك , أبيات ما عدت تفهم معناها
وام رسمتها و لم ذات يوم تعلقت بحروفها !
شيء من الماضي يشدك الى تلك اللوحة , ذلك
الوجه الغامض لأمرأة ملتحفة بالسواد , تغطيها أمارات الانكسار والحزن, تندب
بداخلها ماض كانت فيه أمرأة الأحلام فأمست أمراة بلا حلم! تحدق في وجهها الذي على
الرغم من شبابه – فقد بريقه , متخذا من الدمع قناعا عله يخفي عنك تلك الملامح
المتعبة , وذلك اليوم الشتوي القارس البرد الذي تركت فيه أحلامها معلقة على نفس
هذا الجدار المدوي بصمته .
تضيق عليك الغرفة شيئا فشيئا , تلتحف ذلك الرداء القديم وتلك المخدة , تدفن نفسك في الذكريات وتغمض عينينك على أمل ان تشرق ابتسامتك غدا , وتشرع ابواب قلبك معلنا استعدادها لأشعة الفرح .. و تستسلم للاحلام .
تناقضات غربة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق