رحلة...الى عقل جدي
سياسي محنك و متعصب للاسلام ... ماركسي و
قومي عربي ومتحفظ ... يعشق نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس , جورج حنا و المتنبي و
ايليا ابو ماضي...يطالع في القانون و السياسة و الدين و التجارة و الشعر و
المسرحيات و الادب !
من انت؟
ذهبت اليوم لأستكشف خبايا مكتبة كنت ارى
اصابع جدي تعتني بكتبها عندما كنت في السادسة من عمري , كنت اراه يقضي ساعات و
ساعات في ترتيب رفوفها و تجليد كتبها و فهرسة عناوينها .. ثم ما ان يحل المساء حتى
تلامس اصابعه -كعازف موسيقى على اوتار عوده - بعناية شديدة كتبه و مجلداته ثم يذهب
لتحضير فنجان قهوة سادة و يتخذ مقعدا في مكتبه ...و يغرق! و كأنه ليس في عالمنا ..
وكأن له ملكوت خاص به يستطيع هو وحده الدخول و الخروج منه حين يشاء .
كنت اراقبه عن كثب و هو يظن بانني مشغولة في
علبة الالوان التي وضعها امامي , كنت ارى ملامح وجهه تتغير مع كل سطر تعبر عليه
عيناه و كأنما هو بطل الروايات او كاتبها ! كأنما هو طه حسين في الايام أو غاندي
في رحلته !
أاخبرتك عزيز القاريء؟ وجدت قرابة السبعة كتب
اليوم عن غاندي وسيرة حياته – وقد بحثت في ربع المكتبة فحسب- لا بد ان جدي كان
يعتز بشخص كغاندي .
اورثت حب القلم و الكلمة منك يا جدي؟ اتراك
كنت تعلم بانني سافتش في ذاكرة كتبك ذات يوم عن كتاب يضمني و يعيدني اليك؟ ام حسبت
بانني كنت منشغلة بالالوان فقط؟
لا يا جدي .. ما عدت احب الالوان الخادعة ,
اريد زمنك الابيض و الاسود لاعيشه وأعايشه
فقد اتعبتني كثرة الالوان في زمننا هذا , اريد الوضوح ام انني اطلب الكثير يا ترى؟
هل كنت متناقضا مثلي يا جدي؟ و الا لم اراك
تقرأ الغزالي و محمد الصدر ثم تتبعهما بماركس و روسو !؟
ام كنت مثلي يا جدي لا تجد وضوحا في زمنك
الموحد اللون ؟ هل كنت قوميا ام اشتراكيا ام ماركسيا ام اسلاميا متعصبا؟
ذهبت لافتش عن مذكرات لك علي اجد بعضا من
الضوء في بقعة الظلام التي تركتها – وتركها الزمان – لي! الا انني لم اجد شيئا !
ليتك كتبت يا جدي .. ربما كنت وجدت بعض الاجوبة .
ولكن ... ما الانسان من دون اسئلة على اية
حال.
تناقضات غربة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق