كان يوما من خريف العمر .. رجعت بعد الغربة و تناقضاتها , حدقتُ في عينيها الذابلتين .. في ملمس يديها الخشنتين , في تلعثمها
الواضح بين كل جملة و اخرى , في تجاعيد ذلك الوجه الجميل الذي يتحدث كل خط فيه عن
جرح او ألم .. عن يوم ميلاد او تخرج , عن امتحان سهرت فيه معنا و عن خوف كان باديا
في أطراف عينيها عندما عبرنا الشارع لأول مرة ... و حدقت في محاولاتها المضنية في إخفاء كل ذلك عني .
سألتُ عينيها بصمتٍ : ماذا حصل يا أمي ؟ و
كأنما سمعتني كعادتها قبل أن انطق بما يختلج في صدري من خطرات .. أجابتني :
الغربة يا ناي, ليست غربة الوطن , و إنما
غربة من سكنوا في الذاكرة و بعدوا عن العين . الغربة هي ان تدرسين بعيدا عن قهوتي
الصباحية, و آية الكرسي التي أرسلها اليك بصمت كل يوم مع قبلة المساء .
الغربة هي ان تحلمين كل يوم بابتسامة
من تحبين.. و تستيقظين على بيت موحش خالٍ منهم .. و منكِ.
اعدك باني سأكون وقود تنورك يا أمي ..
ورائحة قهوتك و ربيع العمر من جديد .. علني أنال الحلم الذي تحت قدميك .
دمتِ لنا عيدا في كل يوم .
عَنِ امْرَأةٍ.. وَعَنْ حَرْبٍ.. وَعَنِّي
ردحذفيُتَمْتِمُني كَلامٌ لَمْ يَقُلْنِي!!
عَنِ امْرَأةٍ سِوَى أُمِّي..!! وَحَرْبٍ
سِوَى وَطَني..!! وَقَبْرٍ لَمْ يَكُنِّي..!!
عَنِ امْرَأةٍ تُصَلِّي كُلَّ فَجْرٍ
وَتَذْكُرُنِي بِدَمعٍ مُطْمَئِنِّ..
وَعَنْ حَربٍ تُغافِلُنِي فَتَطفُوْ
عَلَى نَهْرَينِ مِنْ ظَمَأٍ وَحُزْنِ
وَعنِّي.. كُنتُ لي.. وَهَرَبْتُ منِّي
إلى لُغَتي وَبَعضُ الإثْمِ ظَنِّي!!
***
http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=81686
بالأحرى
ردحذفعن مدبنة و عن حرب ... و عني !
أسعدني مرورك
جميـــــــــل الاصل والتعليق
ردحذف