تناقضات ذاكرة مغتربة ...

11.4.13

تعب الطين


تعـب الطين ...


ما عرفت شعراء قبلك .. و لا استطيع تذوق الشعر من بعدك , يرهقني تعذرك بالمجازر و الحروب و الدم و الغربة لبعدك عني .. يتعبني تحججك بمدن محتلة و أسيرة و جريحة .. و بأوطان تركتنا و رحلت و انت لا زلت متعلقا بها !
يستفزني تعللك المضني بالحرية و المقاومة .. و تذبحني انت حين تدركك رقة و انت بعيد كل البعد عن مدينتي هذه !
هل تعرف يا فديت .. إن أنت تركت ذاكرتك خلفك و غرقت هنا في تناقضاتي , كنت وجدت نفسك؟
اما سمعت مظفر النواب موبخا لي ولك.. كتب لنا و لمدينتنا الافلاطونية  شعرا .. نصحنا معا :
هل تعرف كيف يكون الشاعر بالحب
لقاء جميع الأنهار ومجنونا وخرافيا
ويهاجر في غابة ضؤ من دمعته
ويموت لقاء أبديا
اما حان الوقت ان تموت فيً لقاء أبديا؟ ان ننصهر معا فتختفي ملامحنا و نصبح هلالا , بعيدا كل البعد عن هذه الأرض , متفرجا محايدا ,  دليلا على وجود صبح ما ها هنا , آمرا الناظرين بالصبر  .. الم  تكتب لي يوما ان بعض الصبر يضعف لا يقوي؟
.. تعب طيني !

2.4.13

عن قهوة أمي ...


كان يوما من خريف العمر .. رجعت بعد الغربة و تناقضاتها , حدقتُ في عينيها الذابلتين .. في ملمس يديها الخشنتين , في تلعثمها الواضح بين كل جملة و اخرى , في تجاعيد ذلك الوجه الجميل الذي يتحدث كل خط فيه عن جرح او ألم .. عن يوم ميلاد او تخرج , عن امتحان سهرت فيه معنا و عن خوف كان باديا في أطراف عينيها عندما عبرنا الشارع لأول مرة ... و حدقت  في محاولاتها المضنية في إخفاء كل ذلك عني . 

سألتُ عينيها بصمتٍ : ماذا حصل يا أمي ؟ و كأنما سمعتني كعادتها قبل أن انطق بما يختلج في صدري من خطرات .. أجابتني :
الغربة يا ناي, ليست غربة الوطن , و إنما غربة من سكنوا في الذاكرة و بعدوا عن العين  . الغربة هي ان تدرسين بعيدا عن قهوتي الصباحية, و آية الكرسي التي أرسلها اليك بصمت كل يوم مع قبلة المساء .
الغربة هي ان تحلمين كل يوم بابتسامة من تحبين.. و تستيقظين على بيت موحش خالٍ منهم .. و منكِ. 

اعدك باني سأكون وقود تنورك يا أمي .. ورائحة قهوتك و ربيع العمر من جديد .. علني أنال الحلم الذي تحت قدميك .
دمتِ لنا عيدا في كل يوم .