تناقضات ذاكرة مغتربة ...

30.3.12

الكتابة وجع و غربة
فالى كم غربة بعد هذه تحتاجين؟ و متى يبلغ الوجع فيك منتهاه؟
 
اكتشفت منذ فترة ان الانسان باذخ في حزنه و انانيته ! فلم ترانا نكتب اكثر حين نتألم و نغترب و ننفى ! لم نشارك الورق احزاننا و نضن عليه بابسط افراحنا و  بمسراتنا الصغيرة التي تشكل"نا" ؟
 
ليس لدي ما اشاركه الان ... سوى التناقضات
فسأدعها لي هذه المرة !عساني ارحم الورق من التأفف حتى ولو لفترة 

17.3.12

في بعض الأحيان

في بعض الأحيان ... في بعض الأحيان فقط تتمنى لو كنت وحيدا او ان يصيبك فقدان ذاكرة مؤقت لتعيش بسعادة و لو لفترة , كي لا تكون باذخا في الحزن كعادتك ... مدججا بأسلحة تشهرها عليك الذاكرة متى شائت !

في بعض الأحيان فقط ... تتمنى لو أن من عرفوك كل هذا العمر ... عرفوك فعلا!
في بعض الأحيان فقط ... تتمنى لو كنت شخصية روائية يقرؤها الناس , و ينسونها بعد فترة !

في هذه الأحيان ... فقط , تكون على حقيقتك بدون أقنعة مزاجية تضعها كلما استجد خبر
في هذه الأحيان ... فقط , يكون داخلك تجسيدا للوحة سيريالة "داليَة " ... فأحسن أختيار لوحتك .

13.3.12

عسل ... أسود

يا بلد معاندة نفسها ... يا كل حاجة و عكسها!

تنطبق هذه الجملة على اكثر من مدينة عربية ... مدن لا تعرف ان كنت تسكنها او هي التي اتخذت من قلبك و ذاكرتك و كيانك سكنا لها!

بغداد تأتي على رأس القائمة متزعمة هذه المدن المتناقضة الجميلة , ترفض ان تغادرك حتى بعد ان غادرتها  و اتخذت من غيرها حبيبة لك .. تعود و تسيطر على قلبك بين الحين و الاخر معلنة الحرب على النسيان و عليك .

بغداد يا عسلي الاسود ... يا منبع الحياة و الموت والتناقضات ... كفي عن مطاردتي و عودي حيث تركتك .
تعبت من البحث في المدن عن شوارعك و بيوتك و ناسك .. تعبت من البحث عن دجلة في كل نهر أقابله و عن تمثال أبي نؤاس في كل ساحة امر عليها .. وعنك في عيون الناس ... عودي حيث اتخذك الكثيرون عشيقة لهم , فلن تجدي من يكتب لك مكاتيبا كمكاتيب غرامي   ! فأرحلي ...



تناقضات غربة



9.3.12

امتحان اللغة العربية


اكتشفت اليوم احد اسباب حبي لهذه المدينة المتناقضة ... كتاب اللغة العربية!

امضيت ساعاتي البارحة في محاولة فاشلة لتذكر اسماء الاطباء و الفلاسفة و علماء الفلك بالأضافة الى النحويين الذين عاشوا في بغداد ايام كان بيت الحكمة اجمل مكان ثقافي عرفته الكرة الارضية .
حاولت جاهدة ان اضع جدولا زمنيا لتذكر الاسماء .. فلم استطع
ثم حاولت تذكر الاسماء حسب التسلسل الابجدي ... ثم حسب زمن الخلفاء ثم حسب الاصل ...
لم تنفع محاولاتي جميعا في حفظ  الاسماء التي مرت على مدى ستة  قرون زمنية عباسية متناقضة.

عرفت حينها فقط ان عدم القدرة على حفظ اسماء علمائك هو سبب اخر لحبي لك ! سبب اخر يجعلني افتخر بأن مدينة غامضة مثلك .. كئيبة مثلك ... شامخة مثلك و عاشقة للموت مثلك ايضا لا نستطيع ان نختصرها بجدول اسماء يعلق على ذاكرة طالبة من اجل امتحان واحد.
بل تحتاج هذه الطالبة الى عمر فوق عمرها لتفهم كيف اتسعت يا حبيبتي للخوارزمي والمتنبي  وابن الهيثم و الكندي و سيبويه .. و ضقتي بها!
كيف استطعت ان تكرمي شخصا كالمنصور و لم تلتفتي لغربة احفاده!

شدني اليك يا حبيبتي هذا الغموض الذي يتقمصك , أجدك احيانا جميلة سلسة و احيانا اخرى صعبة المراس و دائما عصية على الفهم , تجمعين التناقضات لتبدين خارجة على كل اعتيادي و مألوف , خارج اطاري الخيال و الوقع .. خارج الزمان! كأنك تسمرت في ذاكرتي حتى قبل ان اولد .. فلن اقبل ان ارى فيك غير دار السلام ولن المح فيك غير الجمال.

 فأنت -يا حبيبتي- رغم العوادي الشعر و الغزل .

تناقضات غربة

5.3.12

اصدق ما قرأت عن سوريا ... للرائع تميم البرغوثي

اؤمن ان الانسان عبارة عن خيارات مجتمعة في جسد ...
فالقهوة التي شربتها في ذلك الفنجان بالذات و مع هذا العدد من ملاعق السكر بالذات و من هذا النوع بالذات تخبرنا عنك الكثير
والكتاب الذي اشتريته في ذلك الوقت بالذات و قرأته في ذلك المكان بالذات يخبرنا عن مزاجك و حالتك النفسية و شخصك الكثير
والمقال الذي قرأته في هذه الجريدة و لهذا الشاعربالذات  يخبرنا عنك الكثير ايضا..

ولأنني لست سياسية و لا أدعي المعرفة فيها غير ملاحظاتي الخاصة الغير موضوعية ... قررت ان لا انشر ما اكتبه كي لا أضر احدا او اجرح اخر
الا ان هناك بعض المواضيع التي تؤرقني انا شخصيا ولم اتمكن من تكوين رأي خاص عنها .. ولا زلت غير قادرة على جمع القصاصات و تكوين  رأي  حتى قرأت مقاله هو متجسدا تماما فيما كنت افكر فيه ... ذلك الشاعر الساحر.. عساه سالما دوما ... عساه مقاوما دوما .

تميم البرغوثي ... خمس أزمات أخلاقية
نشرت في جريدة الشروق يوم الاثنين 27 فبراير 2012


لا يواجه المرء أزمة أخلاقية واحدة فى الشأن السورى بل خمس أزمات سويا

أولا: لا يمكن للإنسان أن يؤيد صف دبابات يسير تحت شرفات الخلق، يسمى نفسه حكما وحكومة، وهو يطلق النار على الأحياء المدنية، ويقتل الأطفال والنساء بالآلاف، ويعذب المعتقلين السياسيين،  ولا عذر له، فإن زعم أنه  يواجه تمردا مسلحا اليوم فإنه لم يكن يواجه تمردا مسلحا حين حبس الأطفال فى درعا. وهو إلى ذلك فيه من عِبَر الزمان ما فيه، وحدث عن التوريث والحزب الواحد والتمييز الطائفى والبنية الأمنية ولا حرج، أما إعلامه فتكفى نصف ساعة من متابعته لدفعك للجنون. وقد قلت من قبل إن كان تحرير فلسطين يقتضى تعذيب أطفال سوريا، فأبقوها محتلة خير لأطفالكم وأطفالها.

ثانيا: لا يمكن للإنسان أن يؤيد الطرح السياسى للمجلس الوطنى السورى المعارض، لأنه وضع نفسه فى حلف واضح مع الولايات المتحدة، ورئيس المجلس وعد الأمريكيين علنا، وأكثر من مرة، بخنق المقاومة اللبنانية وفك الحلف مع إيران وقصر علاقته على منظمة التحرير الفلسطينية دون حركة حماس، والمتحدثة باسم المجلس نظمت لقاءات بين العرب والإسرائيليين فى فرنسا وغيرها منذ ثمانينيات القرن الماضى، وهيئات التنسيق الميدانية التابعة للمجلس الوطنى نظمت جُمَعا مطالبة بالتدخل الدولى وحظر الطيران، أى أن تطير طائرات حربية أمريكية أو فرنسية فى الأجواء السورية لقصف البلاد، وكأنى أرى وجه أحمد الجلبى فى كل عضو من أعضاء هذا المجلس.

ثالثا: لا يمكن للإنسان أن يدعو الناس للتظاهر مع معاداة كل من النظام والمجلس الوطنى السورى، لأن فى ذلك تضليلا لهم، فنحن نعلم أن الخيار لا يعدو هذين، وأن المجلس الوطنى السورى هو الذى يحظى وسيحظى بالاعتراف الدولى دون غيره، فإن دعونا الناس للتظاهر فنحن ندعمه شئنا أم أبينا. هذه واحدة، والثانية هى أننا لا نقدر أن ندعو الناس للموت فى حرب نعلم أن احتمال انتصارهم فيها ضئيل، وأنهم إن انتصروا فسيصلون لا إلى الحرية بل على الأرجح إلى الحرب أهلية، أو إلى تسليم الأمة كلها إلى الأمريكان أو كلا الأمرين معا، وسأشرح هذا بالتفصيل أدناه.

رابعا: لا يستطيع الإنسان أن يصمت، لأنه حين يفعل، بينما قد تكلم عن كل الثورات العربية الأخرى، سيترك للمغرضين تفسير موقفه كما يشتهون، وأنا أقول عن تجربة إن أخلاق الكثيرين فى أوساط المجلس الوطنى السورى ليست أحسن إطلاقا من أخلاق أى جهاز أمن عربى، وقد وُضع إسمى وأسماء كتاب عرب ومصريين آخرين على بيانات مؤيدة للمجلس الوطنى دون أن نعلم بهدف توريطنا، فإن سكتنا أصبحنا داعمين لقوة سياسية ندينها تماما، وإن تكلمنا شوهت مواقفنا وقيل إننا نساند القمع ونحن نعادى القمع والقامعين عداء صريحا أيضا.

خامسا: حتى كتابة هذه السطور تشكل أزمة أخلاقية لأنك حين تكتبها تفت فى عضد الناس، وتخبر الغاضبين لدماء أبنائهم أن قيادتهم السياسية ستخيب أملهم، وهذا مؤلم جدا لى كما هو مؤلم لهم، ولكنه مبلغ علمى واجتهادى.

●●●

 فإن كان تأييد الحكومة ممتنعا، وتأييد المعارضة ممتنعا، وتأييد المتظاهرين دون المعارضة ممتنعا، والصمت ممتنعا، والكلام مؤلما، فأهون الشرور الخمسة هو الكلام، لبراءة الذمة، والتحذير من الخطر الذى أرى.

أقول: إن مسعى المجلس الوطنى آيل للفشل حتى وإن نجح. فإذا بقى النظام فقد ذهب دم الناس، وإن سقط النظام، فإن دماء أكثر ستهدر فى سوريا والعراق ولبنان وفلسطين، وإليكم الدليل:

إن المظاهرات السورية انطلقت يوم انطلقت اعتراضا على السياسية الداخلية السورية لا على السياسة الخارجية السورية، وهى سياسة دعمت المقاومة وحمت كلا من لبنان وفلسطين والعراق من أن تأكلها الولايات المتحدة الأمريكية أكلا. إلا أن المعارضة فى سعيها للحصول على الدعم الدولى راحت تعد الأمريكيين والفرنسيين بتغيير السياسية الخارجية السورية بدلا من أن تعمل على بناء الإجماع الوطنى داخل سوريا، وفى دمشق وحلب تحديدا.

إن فك شبكة الأحلاف السورية يهدد الآلاف من اللبنانيين الجنوبيين بالموت في  حرب انتقامية ستشنها إسرائيل حتما عاجلا أو آجلا.

وتفكيك المقاومة اللبنانية يعنى بالضرورة قصم ظهر المقاومة الفلسطينية التى ستفقد ظهيرها الشمالى، وسندها الإقليمى، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم فى مصر، كما كثير من القوى السياسية فيها، يبدون تمسكهم باتفاقية السلام مع إسرائيل، ما يلقى بظلال من الشك حول مدى السند الذى يمكنهم أن يوفروه للمقاومة الفلسطينية. وعليه، فإن هذه المقاومة ستظل معتمدة على سندها الإيرانى والسورى حتى تقرر مصر مصيرها وموقفها من التحالفات الإقليمية.  لذلك فإن برنامج المجلس الوطنى السورى يهدد آلاف الفلسطينيين فى غزة بالموت أيضا فى أية حرب إسرائيلية عليهم، ويدع القضية الفلسطينية فى أيدى رجال كفياض وعباس.

أما الإيرانيون فإنهم إذا فقدوا اتصالهم بالجنوب اللبنانى فقدوا منصة لمحاربة إسرائيل برا إذا هاجمتهم جوا. ومهاجمة إيران لإسرائيل تحميها بطريقتين، الأولى مباشرة، حيث تقدر إيران وحلفاؤها أن تصيب أى هدف فى إسرئيل عن قرب، والثانية غير مباشرة، حيث يؤدى إجبار إسرائيل على الدخول فى الحرب ضد إيران إلى تفكك أى تحالف عربى أمريكى ضدها أمام ضغط الشارع. لذلك فإن حرمان إيران من اتصالها الجغرافى بجنوب لبنان عبر العراق وسوريا يعرضها لخطر داهم هى الأخرى.


لذلك فإن حلفاء دمشق لن يكفوا عن دعمها. إن القوم شأنهم شأن السوريين، يدافعون عن حياتهم وحياة أولادهم، وهم يعلمون أن بديل النظام هو المجلس الوطنى، ولم يأل السيد برهان غليون جهدا فى إخافتهم بإعلانه عن نواياه.

أما روسيا فإن المجلس الوطني  يهددها  بفقدان الحلف الوحيد الموالى لها خلف هلال من القواعد الأمريكية والدول الحليفة لأمريكا يمتد من جمهوريات البلطيق إلى حدود الصين، فلاتفيا ولثوانيا وإستونيا وبولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا وسلوفينيا وكرواتيا ورومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا أعضاء فى حلف الناتو، ثم من تركيا شرقا أذربيجان و أزبكستان وطاجيكستان وقرغيستان على حدود الصين حلفاء للولايات المتحدة، بالإضافة إلى كل من أفغانستان وباكستان. إن إيران والعراق وسوريا ولبنان هى الكتلة الوحيدة الواقعة إلى الجنوب والجنوب الغربى من هذا القوس الممتد من الشمال الغربى لروسيا إلى جنوبها الشرقى، وهو منفذها الوحيد على المياه الدافئة للبحر المتوسط بعد خسرانها ليوغوسلافيا. والرئيس الروسى فلاديمير بوتين مقبل على انتخابات جعل الأمن الاستراتيجى فيها أحد أهم مرتكزات دعايته، وهو لا يعيش فى أزمة اقتصادية، بينما الأمريكيون يعيشون أسوأ أزماتهم المالية، وأوباما سيدخل الانتخابات ودعايته قائمة على إنهاء الحروب لا بدئها. فرغبة موسكو وقدرتها على دعم دمشق أكبر من رغبة واشنطن وقدرتها على دعم الجيش السورى الحر. ونقل الثورة إلى حرب أهلية يعنى أن الطرف الأكثر تزودا بالسلاح سينتصر فيها، وأن العدد لم يعد يهم، ففى الثورات الشعبية كمصر وتونس، يغلب العدد السلاح، وفى الحروب الأهلية ينتصر من يكثر سلاحه لا عدده. وروسيا وإيران يدافعان عن نفسيها ضد انتشار نفوذ الولايات المتحدة، وموقفهما جيواستراتيجى محض، ولا محل هنا لأى كلام طائفى لا معنى له، المسألة استراتيجية محضة، وتوازن قوى مائل بشدة لغير صالح المعارضة السورية المسلحة

وإن كانت المملكة العربية السعودية تدعم الجيش السورى الحر، فإن لدعمها حدودا، لأنها تخاف أن يصل بعض الدعم إلى منظمات إسلامية سنية لا تحب السعودية ولا تحبها السعودية ولا تسمح لها أمريكا بدعمها، كالقاعدة مثلا، ثم إن الرياض لن تستطيع أن تدعم الجيش السورى الحر بالطائرات والدبابات. أما إيران وروسيا فدعمهما لحلفائهما غير محدود ولا مقيد بهذه القيود.

وكما فشل المجلس الوطنى السورى فى تحييد حلفاء دمشق وطمأنتهم وأدت مواقفه إلى زيادة تمسكهم بتحالفهم معها، فإنه فشل أيضا  فى طمأنة الأقليات السورية، وعلى رأسها العلويون. لا يوجد ما يدعونا للظن أن العلويين فى سوريا، إذا سقط النظام، سيتصرفون بشكل مختلف عن السنة فى العراق بعد صدام. ولا تملك المعارضة السورية أية ضمانات لمنع اقتتال كهذا. ثم إن حربا أهلية فى سوريا ستنعكس فورا على كل من العراق ولبنان، وندخل فى حرب أهلية عامة بين كل سنة المشرق العربى وكل شيعته. وهى ستفرق حتما بين إيران وتركيا، وبدلا من تكوُّن حلف إيرانى عراقى سورى لبنانى فلسطينى لا تعارضه تركيا وربما تنضم إليه مصر يحاصر مصلحتى أمريكا إسرائيل والنفط، سيتكون فى المشرق حلف سنى من تركيا والسعودية والأردن وربما مصر، وحلف شيعى فى إيران والعراق، يتقاتلان على سوريا ولبنان ويتركان لإسرائيل أن تفعل ما تشاء بالفلسطينيين وسائر الأمة.

●●●

لا يوجد فى أى من هذه السيناريوهات، حل ديمقراطى لسوريا، أللهم إلا بالتفاوض مع القوى الأقليمية، وطمأنه حلفاء دمشق أن ما يجرى فى البلاد ليس موجها ضدهم.

وكثيرا ما سئلت، لماذا لم تكتب يا سوريا هانت وبانت، وكنت أسكت وأقول لنفسى متألما، لأنها فى سوريا لا هانت ولا بانت.